تواصل شركة “ميتا” (Meta)، عملاق التكنولوجيا ومالكة منصات فيسبوك وإنستغرام وواتساب، استراتيجيتها الطموحة لدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في صميم عملياتها ومنتجاتها. وفي خطوة تعكس أولوياتها المتغيرة في ظل طفرة الذكاء الاصطناعي، أشارت التقارير الأخيرة إلى توجه فريقها الخاص بتطوير الميتافيرس (Metaverse) للاعتماد بشكل مكثف على أدوات الذكاء الاصطناعي بهدف تسريع الإنتاجية في مختلف منتجات الشركة.
دمج الذكاء الاصطناعي في فريق الميتافيرس
لطالما كان الميتافيرس هو الرؤية المستقبلية لـ “ميتا”، حيث استثمرت الشركة مليارات الدولارات في تطوير تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز. ولكن مع تصاعد المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي، يظهر تحول واضح في استراتيجيتها حيث أصبح الذكاء الاصطناعي ليس مجرد ميزة إضافية، بل هو المحرك الأساسي لإنشاء وتطوير تجربة الميتافيرس نفسها، بالإضافة إلى أدوات الإنتاجية الداخلية.
يهدف هذا التوجيه إلى استغلال قدرات الذكاء الاصطناعي في:
- تسريع تطوير المنتجات: من خلال استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي لمساعدة فرق العمل على كتابة الأكواد، وتصميم الأصول الرقمية، والنماذج الأولية بسرعة وكفاءة أكبر.
- تحسين تجربة المستخدم في الميتافيرس: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يخلق بيئات افتراضية وشخصيات رمزية (Avatars) أكثر واقعية وتفاعلية، مما يعزز الانغماس في العالم الافتراضي. كما تم الإعلان عن نماذج ذكاء اصطناعي مثل “Meta Motivo” التي تهدف إلى تعزيز حركة الوكلاء الرقميين لتكون أكثر شبهاً بالإنسان.
- خفض التكاليف: تقليل الاعتماد على الموارد البشرية لمهام متكررة والتحول نحو أدوات الذكاء الاصطناعي المخصصة، بما في ذلك تطوير شرائح ذكاء اصطناعي داخلية لخفض الاعتماد على الشركات الخارجية مثل “إنفيديا”.
توسيع ميزات الترجمة الفورية في “ريلز” (Reels)
على صعيد منتجاتها الأكثر شعبية، تستغل “ميتا” إمكانات الذكاء الاصطناعي لكسر الحواجز اللغوية وتوسيع نطاق وصول صناع المحتوى في مقاطع “ريلز” القصيرة على فيسبوك وإنستغرام. فقد أعلنت الشركة مؤخراً عن توسيع ميزة الترجمة الفورية المدعومة بمساعدها الذكي Meta AI لتشمل المزيد من اللغات، مثل الهندية والبرتغالية، إضافة إلى الإنجليزية والإسبانية التي كانت متاحة سابقاً.
تتميز هذه الترقية بما يلي:
- الترجمة الواقعية ومحاكاة نبرة الصوت: لا يقتصر الأمر على ترجمة النص فحسب، بل يقوم الذكاء الاصطناعي بمحاكاة نبرة الصوت الأصلية للمنشئ بدقة، مما يجعل المحتوى المدبلج يبدو أكثر طبيعية وشخصية.
- مزامنة حركة الشفاه (Lip Sync): تعمل الأداة على مزامنة حركة الشفاه مع الصوت المترجم، مما يوفر تجربة مشاهدة مقنعة وواقعية للمشاهدين من مختلف الجنسيات.
- تعزيز الانتشار العالمي: تمكّن هذه الميزة صانعي المحتوى من الوصول إلى جماهير جديدة في أسواق عالمية ضخمة دون الحاجة إلى دبلجة يدوية، مما يعزز مكانة “ريلز” كمنصة عالمية متعددة اللغات في منافسة “تيك توك“.
نظرة مستقبلية
يؤكد هذا التوجه على أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد مشروع ثانوي في “ميتا“، بل هو الاستثمار الأهم والمحور الأساسي الذي يربط بين رؤية الميتافيرس وبين المنتجات اليومية. من خلال تسخير الذكاء الاصطناعي لتسريع الإنتاجية الداخلية وتعزيز أدوات التواصل العالمية مثل “ريلز”، تهدف “ميتا” إلى ترسيخ مكانتها كشركة رائدة تقود الجيل القادم من التفاعل الرقمي.