في خطوة استراتيجية جديدة، أكدت شركة “ميتا” (Meta)، الشركة الأم لـ “فيسبوك” و “إنستغرام”، عزمها على دمج التفاعلات مع أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي التابعة لها، وعلى رأسها المساعد الرقمي “Meta AI”، في نظامها الأساسي لاستهداف الإعلانات وتخصيص المحتوى.
هذا التحول يمثل نقلة نوعية في كيفية استخدام بيانات المستخدمين لزيادة فعالية الإعلانات ودقة التوصيات.
كيف ستُستخدم محادثات الذكاء الاصطناعي لاستهداف الإعلانات؟
بدلاً من الاعتماد فقط على الإعجابات والمشاركات والتعليقات، ستبدأ ميتا باستخدام المحتوى والنوايا التي يكشف عنها المستخدمون خلال محادثاتهم مع روبوتات الدردشة الخاصة بها.
آلية العمل باختصار:
- الدردشة كمصدر بيانات: عندما يتفاعل المستخدم مع “Meta AI” (المدمج في فيسبوك، إنستغرام، واتساب، وماسنجر)، سواء طرح أسئلة، أو طلب إنشاء صور، أو ناقش خططًا مستقبلية (مثل رحلة، أو هواية جديدة).
- تحليل النوايا: يقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل هذه المحادثات لاستخلاص الاهتمامات الدقيقة والنوايا الشرائية. فإذا سأل المستخدم عن “أفضل أحذية المشي لمسافات طويلة”، فهذا يكشف عن نية واضحة للشراء أو الاهتمام بهواية المشي الجبلي.
- تخصيص الإعلانات والمحتوى: يتم استخدام هذا “الكنز” من البيانات الشخصية لتوجيه إعلانات محددة جدًا إلى المستخدم.
- مثال: إذا ناقشت التخييم مع الروبوت، فستبدأ بمشاهدة إعلانات لمعدات التخييم، وتوصيات لمنشورات ومجموعات متعلقة بالأنشطة الخارجية على “فيسبوك” و”إنستغرام”.
أبرز النقاط حول هذا التغيير:
- تاريخ البدء: أعلنت ميتا أن هذا التحديث سيدخل حيز التنفيذ في 16 ديسمبر 2025 في معظم مناطق العالم (باستثناء مناطق مثل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وكوريا الجنوبية في المرحلة الأولى، بسبب القوانين التنظيمية الصارمة).
- ربط الاستثمار الإعلاني: تهدف ميتا من هذه الخطوة إلى ربط استثماراتها الضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي مباشرةً بنموذج عملها الأساسي، وهو الإعلانات.
- لا يوجد خيار لـ “إلغاء الاشتراك” (Opt-Out): أكدت ميتا أن المستخدمين الذين يتفاعلون مع “Meta AI” لن يكون لديهم خيار لإيقاف استخدام بيانات هذه المحادثات في تخصيص الإعلانات، ولكن لن يتأثر بالتغيير من لم يتفاعل مع المساعد الذكي.
- استثناء المعلومات الحساسة: تعهدت ميتا باستثناء البيانات المتعلقة بالمواضيع الحساسة، مثل الآراء السياسية، المعتقدات الدينية، الأصل العرقي، أو المعلومات الصحية، من عملية استهداف الإعلانات.
الجدل حول الخصوصية:
أثارت هذه الخطوة مخاوف متجددة بين نشطاء الخصوصية ومستخدمي المنصات. ويرجع ذلك إلى أن محادثات الدردشة مع الذكاء الاصطناعي غالبًا ما تُعتبر أكثر خصوصية من الإعجاب بمنشور أو التعليق عليه.
يرى النقاد أن تحليل هذه المحادثات يمنح “ميتا” فهمًا أعمق وأكثر حميمية لـ “نوايا” و”أفكار” المستخدمين، مما يزيد من دقة الاستهداف ولكنه يقلل من المساحة الشخصية والسرية.
باختصار، أصبحت الكلمات التي يكتبها المستخدم لمساعد “ميتا إيه آي” بيانات مباشرة تُستخدم لتحديد نوع الإعلان والمحتوى الذي سيراه على فيسبوك وإنستغرام، في محاولة من الشركة لتعزيز إيراداتها الإعلانية بفضل القوة التحليلية للذكاء الاصطناعي.