ما لا تعرفه عن Deepseek

في عام 2025، برز اسم DeepSeek كثابت جديد في ميدان الذكاء الاصطناعي، خاصة في مجال نماذج اللغة الكبرى (LLMs) والتطبيقات الذكية. مضى وقت قليل منذ تأسيسه نسبيًّا، لكن تأثيره بدأ يُلاحظ بقوة من حيث التكلفة، الأداء، والنقاشات الأمنية والسياساتية.


ما هو DeepSeek؟

  • الشركة والنشأة
    DeepSeek هي شركة ذكاء اصطناعي صينية مقرّها في مدينة هانغتشو، تأسست في عام 2023 على يد ليانغ ونفنج (Liang Wenfeng)، الذي كان أيضًا من مؤسسي صندوق التحوط الصيني High-Flyer.
    تعمل DeepSeek مستقلة عن نشاط الصندوق، لكنها تمول داخليًا من High-Flyer دون الاعتماد على مستثمرين خارجيين كبار.
  • المنتج الأساسي
    النموذج الأساسي أو التطبيق الأكثر شهرة لـ DeepSeek هو روبوت محادثة (chatbot) يُعرف أيضًا باسم DeepSeek، الذي أُطلق رسميًا في 10 يناير 2025.
    فيما بعد، أصدرت الشركة نسخًا أكثر تقدمًا، مثل DeepSeek V3 و DeepSeek R1، التي ركّزت على قدرات أعلى في التفكير والاستدلال.
  • الخصائص التقنية الأساسية
    1. الكفاءة والتكلفة المنخفضة
      تدّعي DeepSeek أنها طوّرت نماذج تنافسية باستخدام استثمارات أقل بكثير مما تُنفق الشركات الكبرى. على سبيل المثال، تقول الشركة إنها درّبت النسخة V3 بمبلغ حوالي 6 ملايين دولار، مقارنة بمئات ملايين التي تُنفقها بعض شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى.
      كذلك تقول إنها استخدمت موارد حسابية أقل، مما يشير إلى كفاءات في استخدام البنية التحتية.
    2. النماذج مفتوحة الأوزان (Open Weight)
      النماذج التي تطورها DeepSeek تُقدم بطريقة “أوزان مفتوحة” — أي أن الأوزان (Weights) للنماذج متاحة، لكن ليس بالضرورة أن تكون شفافة بالكامل مثل مفهوم “المصدر المفتوح” الكامل.
    3. دعم الرؤية واللغة (Vision-Language)
      من المشاريع البحثية لـ DeepSeek نجد DeepSeek-VL، وهو نموذج يجمع بين الفهم البصري (الصور) والفهم النصي. هذا يُمكّنه من التعامل مع مهام مثل فهم الصور المُصاحبة للنصوص أو التعامل مع المستندات بصيغ متعددة.

مميزات DeepSeek — ما الذي يميّزه؟

  1. تكلفة أقل مقابل أداء منافس
    من أكثر الأمور التي لفتت الانتباه إلى DeepSeek هي ادعاءها بأنها تحقق أداءً قريبًا من نماذج الذكاء الاصطناعي الكبرى، لكن بتكلفة وموارد أقل بكثير.
    هذا يُمثّل تحديًا لنموذج الأعمال التقليدي في صناعة الذكاء الاصطناعي، حيث يُفترض أن الأداء العالي يستلزم استثمارات ضخمة.
  2. مرونة أكبر في الاستخدام والتبني
    بفضل أن النماذج أوزانها متاحة (open weight)، يمكن للمطورين استخدام النماذج كأساس للتخصيص أو البناء عليها في تطبيقاتهم، مما يعزز الابتكار والتبني الواسع.
  3. توسُّع سريع في الاستخدام والتطبيقات
    التطبيق الخاص بـ DeepSeek لاقى انتشارًا سريعًا، ليصبح من أكثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي المجانية تحميلاً على متجر iOS في الولايات المتحدة خلال فترة قصيرة.
    كما بدأ يدخل في شراكات أو تكاملات مع شركات صينية كبرى.
  4. التركيز على القدرات الاستدلالية (Reasoning)
    النسخة R1 من DeepSeek تُركّز خصوصًا على القدرات التي تتجاوز مجرد التوليد النصي — مثل الأسئلة المعقَّدة أو التفكير العميق أو ترجمة الأفكار بين السياقات المختلفة.

التحديات والانتقادات

رغم أن DeepSeek يبدو واعدًا، فهناك عدة نقاط مثيرة للقلق والجدل:

  1. الخصوصية ونقل البيانات
    تُوجَّه اتهامات إلى DeepSeek بأنها تجمع كميات كبيرة من بيانات المستخدمين وتنقلها إلى خوادم في الصين، ما يثير مخاوف تتعلق بالخصوصية وأمن المعلومات.
    بعض الدول مثل ألمانيا طالبَت بحظر التطبيق في متاجر التطبيقات بسبب مخالفات محتملة لقوانين حماية البيانات الأوروبية (GDPR).
    في كوريا الجنوبية، اتهمت السلطات DeepSeek بجمع بيانات مفرطة وبتخزينها على خوادم تخضع للقانون الصيني.
  2. الرقابة وتقييد المحتوى
    يُقال إن DeepSeek يخضع لرقابة سياسية تتماشى مع السياسات الصينية، مما قد يعني أن بعض المواضيع الحساسة (مثل أحداث التاريخ، حقوق الإنسان، الاستقلال في بعض المناطق) تُقيَّد أو تُقدَّم بصيغ محدودة.
    بعض النسخ المُشغَّلة محليًّا أو بشكل مُستقل أزال بعض القيود المفروضة، بحسب تقارير المستخدمين.
  3. المصداقية والتحقُّق من الأصول
    انتُقِد DeepSeek على أنه قد يستخدم مخرجات نماذج مثل ChatGPT ضمن بياناته التدريبية بطريقة “التقطير” (distillation)، مما أثار تساؤلات حول حقوق الملكية الفكرية وأصالة المحتوى.
    كذلك، أُشِير إلى أن التطبيق أحيانًا يدّعي أنه هو ChatGPT، ما أثار جدلًا كبيرًا حول الانتحال أو التمويه.
  4. الهلوسة (hallucinations) في المخرجات
    كغيره من نماذج الذكاء الاصطناعي، DeepSeek قد يقدم إجابات غير دقيقة أو “هلوسة” — أي خلق معلومات غير صحيحة أو ملفقة.
    بحث علمي حديث يدرس نقاط ضعف في الدمج بين الرؤية واللغة، وكيف يمكن استغلالها لإنتاج هلوسات بصرية مستهدفة في نماذج DeepSeek (visual hallucinations).

رؤى الأثر والأهمية

  • يُنظر إلى نجاح DeepSeek كـ “لحظة سبوتنيك” في مجال الذكاء الاصطناعي — بمعنى أنها قد تغيّر قواعد اللعبة بتقديم نموذج ذكي عالي الأداء بتكلفة أقل.
  • أثار صدور DeepSeek مخاوف لدى شركات كبرى مثل NVIDIA، حيث هبطت أسعار الأسهم في قطاع المعالجات بعد الإعلان عن النموذج الجديد.
  • من الناحية التنظيمية، يُصبح DeepSeek محطّ أنظار الحكومات والجهات التنظيمية، خصوصًا فيما يتعلق بالأمن القومي، حماية البيانات، التأثير الإعلامي، والتوظيف في القطاع العام.
  • على الجانب الأكاديمي والطبي، أُجريت دراسات حديثة تقارن DeepSeek بنماذج أخرى — مثلاً في مجال الأسنان المرضية (dental case analysis) أظهرت الدراسة أن DeepSeek V3 حقق أداء أفضل من نماذج أخرى ضمن الاختبارات التي تم إجراؤها.

الخلاصة

DeepSeek هو مثال بارز على كيف يمكن لشركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي أن تُحدث ضجة كبيرة في وقت قصير جدًا من خلال تركيز على الكفاءة، الابتكار، وتحدّي الافتراضات السائدة حول تكلفة وتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، فإن المخاوف المتعلقة بالخصوصية، الرقابة، المصداقية، والأمن الوطني تجعل استخدامه وتبنيه موضوع نقاش جاد يُستلزم الحذر.

شاهد أيضاً

التسويق بالعمولة (Affiliate Marketing): شريك النجاح في العصر الرقمي 🤝

يُعدّ التسويق بالعمولة (Affiliate Marketing) أحد أبرز وأكثر استراتيجيات التسويق الرقمي انتشاراً وفعالية في الوقت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *