نيورالينك (Neuralink): التابعة لإيلون ماسك تقترب من تجربة زرع شريحة في الدماغ على البشر.

نيورالينك: ثورة تكنولوجية على أعتاب الدماغ البشري

تعتبر شركة “نيورالينك” (Neuralink)، التي أسسها الملياردير إيلون ماسك، من أكثر المشاريع التكنولوجية طموحًا وجرأة في العقد الأخير. فبينما يركز العالم على تطورات الذكاء الاصطناعي، تسعى “نيورالينك” إلى تحقيق دمج فعلي بين الإنسان والآلة عبر زرع شرائح إلكترونية دقيقة في الدماغ البشري. هذه الخطوة، التي بدأت بالفعل، تفتح الباب أمام حقبة جديدة من التفاعلات البشرية مع التكنولوجيا، ولكنها تثير في الوقت نفسه العديد من التساؤلات الأخلاقية والمستقبلية.

البداية: من الفئران إلى البشر

لم يكن طريق “نيورالينك” سهلاً. فبعد سنوات من التجارب على الحيوانات، وتحديدًا على الخنازير والقرود، حصلت الشركة في عام 2023 على موافقة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لإجراء أول دراسة سريرية على البشر. وقد كان هذا الإذن بمثابة نقطة تحول حاسمة، حيث انتقلت الشركة من مرحلة البحث والتطوير إلى مرحلة التطبيق الفعلي على الإنسان.

التجارب البشرية: خطوات واعدة

في يناير 2024، أعلن إيلون ماسك عن نجاح أول عملية زرع لشريحة “نيورالينك” في دماغ مريض بشري. وبعد أسابيع قليلة، ظهر أول مشارك في التجربة، وهو “نولاند أربو” المصاب بالشلل الرباعي، ليؤكد أنه أصبح قادرًا على التحكم في فأرة الكمبيوتر والتفاعل مع الأجهزة الرقمية باستخدام عقله فقط. وقد سمحت له هذه الشريحة باللعب على الإنترنت والتواصل بطريقة لم يكن يظنها ممكنة.

تستمر التجارب في التوسع، فقد قامت الشركة بزرع شرائح في مرضى آخرين، وتخطط لزيادة عدد المشاركين في عام 2025. كما توسعت التجارب لتشمل مواقع خارج الولايات المتحدة، مثل كندا، حيث تم زرع الشريحة في مريضين كجزء من دراسة لتقييم سلامة وفعالية الجهاز.

أهداف نبيلة وطموحات مستقبلية

تتمثل الأهداف الأساسية لـ “نيورالينك” على المدى القصير في مساعدة الأشخاص الذين يعانون من حالات عصبية أو إصابات في الدماغ. فالشريحة تهدف إلى استعادة القدرة على التواصل والتحكم في الأجهزة الرقمية للمصابين بالشلل أو الذين يعانون من أمراض مثل التصلب الجانبي الضموري (ALS). كما أن الشركة تعمل على تطوير مشاريع مستقبلية لمساعدة الأشخاص المصابين بالعمى على استعادة بعض الرؤية.

أما على المدى البعيد، فإن طموحات إيلون ماسك تتجاوز الأغراض العلاجية. فهو يتخيل مستقبلاً يمكن فيه للأشخاص الأصحاء الحصول على هذه الشريحة لتعزيز قدراتهم العقلية، والتواصل مع أجهزة الذكاء الاصطناعي بشكل مباشر، وحتى التغلب على بعض الأمراض المزمنة.

مخاوف أخلاقية وتحديات مستقبلية

مع كل خطوة تخطوها “نيورالينك”، تبرز تساؤلات أخلاقية عميقة. فزرع جهاز في دماغ الإنسان ليس مجرد إجراء طبي، بل هو خطوة نحو إعادة تعريف العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا. يرى البعض أن هذه التكنولوجيا قد تفتح الباب أمام عالم يشبه الخيال العلمي، حيث يمكن للإنسان أن يكتسب قدرات خارقة، بينما يرى آخرون أن هذا الاندماج قد يثير مخاوف بشأن الخصوصية، والأمان، وإمكانية الاستغلال التجاري للوظائف الدماغية.

كما تواجه الشركة تحديات تقنية ومالية. فالتجارب السريرية تتطلب موافقات صارمة، وتواجه انتقادات من بعض الأطباء والباحثين حول الشفافية والسلامة على المدى الطويل. على الرغم من ذلك، فإن “نيورالينك” مستمرة في مسارها، مؤكدة أنها تعمل على تحقيق ثورة في مجال التكنولوجيا العصبية قد تغير وجه الطب والمجتمع في المستقبل القريب.

شاهد أيضاً

“ميتا” تعيد توجيه بوصلة الميتافيرس نحو الذكاء الاصطناعي لتسريع الإنتاجية وتوسيع آفاق التواصل العالمي عبر “ريلز”

تواصل شركة “ميتا” (Meta)، عملاق التكنولوجيا ومالكة منصات فيسبوك وإنستغرام وواتساب، استراتيجيتها الطموحة لدمج الذكاء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *